فصل: فضل الوزير ابن الخطيب

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» **


  فضل الوزير ابن الخطيب

وكان الوزير ابن الخطيب آية من آيات الله في النظم والنثر والمعارف والأدب لا يساجل مداه ولا يهتدى فيها بمثل هداه‏.‏فمما كتب عن سلطانه إلى سلطان تونس جواباً عن كتاب وصل إليه مصحوباً بهدية من الخيل الخلافة التي ارتفع في عقائد فضلها الأصيل القواعد الخلاف واستقلت مباني فخرها الشائع وعزها الذائع على ما أسسه الأسلاف ووجب لحقها الجازم وفرضها اللازم الاعتراف ووسعت الآملين لها الجوانب الرحيبة والاكناف فامتزاجنا بعلائها المنيف وولائها الشريف كما امتزج الماء والسلاف وثناؤنا على مجدها الكريم وفضلها العميم كما تأرجت الرياض الأفواف لما زارها الغمام الوكاف ودعاؤنا بطول بقائها واتصال علائها يسمو به إلى قرع أبواب السموات العلا الأستشراف وحرص على توفية حقوقها العظيمة وفواضلها العميمة لا تحصره الحدود ولا تدركه الأوصاف وإن عذر في التقصير عن نيل ذلك المرام الكبير الحق والإنصاف‏.‏خلافة وجهة تعظيمنا إذ توجهت الوجوه ومن نؤثره إذا أهمنا ما نرجوه ونفديه ونبديه إذ استمنح المحقوب واستدفع المكروه السلطان الكذا بن أبي اسحق ابن السلطان الكذا أبي يحيى بن أبي بكر ابن السلطان الكذا أبي زكرياء ابن السلطان الكذا أبي إسحاق ابن الأمير الكذا أبي زكرياء ابن الشيخ الكذا أبي محمد بن عبد الواحد بن أبي حفص أبقاه الله ومقامه مقام إبراهيم رزقاً وأماناً‏.‏لا يخض جلب الثمرات إله وقتاً ولا يعين زماناً وكان على من يتخطف الناس من حوله مؤيداً بالله معاناً‏.‏معظم قدره العالي على الأقدار ومقابل داعي حقه بالابتدار المثنى على معاليه المخلدة الآثار في أصونة النظام والنثار ثناء الروضة المعطار على الأمطار الداعي إلى الله بطول بقائه في عصمةٍ منسدلة الأستار وعزة ثابتة المركز مستقيمة المدار وأن يختم له بعد بلوغ غايات الحال ونهاية الأعمال بالزلفى وعقبى الدار‏.‏عبد الله الغني بالله أمير المسلمين محمد بن مولانا أمير المسلمين أبي الوليد إسماعيل بن فرج بن نصر‏.‏سلام كريم كما حملت أحاديث الأزهار نسمات الأسحار وروت ثغور الأقاحي والبهار عن مسلسلات الأنهار وتجلى على منصة الاشتهار وجه عروس النهار يخص خلافتكم الكريمة النجار العزيزة الجار ورحمة الله وبركاته‏.‏أما بعد حمد الله الذي أخفى حكمته البالغة عن أذهان البشر فعجزت عن قياسها وجعل الأرواح أجناداً مجندةً - كما ورد في الخبر - تحن إلى أجناسها منجد هذه الملة من أوليائه الجلة بمن يروض الآمال بعد شماسها وييسر الأغراض قبل التماسها ويعنى بتجديد المودات في ذاته وابتغاء مرضاته على حين أخلاق لباسها الملك الحق واصل الأسباب بحوله بعد انتكاث أمراسها ومغني النفوس بطوله بعد إفلاسها حمداً يدر أخلاف النعم بعد إبساسها وينشر رمم الأموال من أرماسها ويقدس النفوس بصفات ملائكة السموات بعد إبلاسها‏.‏والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد رسوله سراج الهداية ويبراسها عند اقتناء الأنوار واقتباسها مطهر الأرض من أوضارها وأدناسها ومصطفى الله من بين ناسها وسيد الرسل الكرام ما بين شيثها وإلياسها الآتي مهيمناً على آثارها في حين فترتها ومن بعد نصرتها واستيئاسها مرغم الضراغم في أخياسها بعد افترارها وافتراسها ومعفر أجرام الأصنام ومصمت أجراسها‏.‏والرضا عن آله وأصحابه وعترته وأحزابه حماة شرعته البيضاء وحراسها وملقحي غراسها ليوث الوغى عند احتدام مراسها ورهبان الدجى تتكفل مناجاة السميع العليم في وحشة الليل البهيم بإيناسها وتفاوح نسيم الأسحار عند الاستغفار بطيب أنفاسها‏.‏والدعاء لخلافتكم العلية المستنصرية بالصنائع التي تشعشع أيدي العزة القعساء من أكواسها ولا زالت العصمة الإلهية كفيلة باحترامها واحتراسها وأنباء الفتوح المؤيدة بالملائكة والروح ريحان جلاسها وآيات المفاخر التي ترك الأول للآخر مكتتبة الأسطار بأطراسها وميادين الوجود مجالاً لجياد جودها وبأسها والعز والعدل منسوبين لفسطاطها وقسطاسها وصفيحة النصر العزيز تقبض كفها المؤيدة بالله على رياسها عند اهتياج أضدادها وشره أنكاسها لانتهاب البلاد وانتهاسها وهبوب رياح رياحها وتمرد مرداسها‏.‏فإنا كتبناه إليكم - كتب الله لكم من كتائب نصره أمداداً تذعن أعناق الأنام لطاعة ملككم المنصور الأعلام عند إحساسها وآتاكم من آيات العنايات آية تضرب الصخرة الصماء ممن عصاها بعصاها فتبادر بانبجاسها - من حمراء غرناطة حرسها الله وأيام الإسلام بعناية الملك العلام تحتفل وفود الملائكة الكرام لولائمها وأعراسها وطواعين الطعان في عدو الدين المعان تجدد عهدها بعام عمواسها‏.‏والحمد لله حمداً معاداً يقيد شوارد النعم ويستدر مواهب الجود والكرم ويؤمن من انتكاث الجدود وانتكاسها ولي الآمال ومكاسها وخلافتكم هي المثابة التي يزهى الوجود بمحاسن مجدها زهو الرياض بوردها وآسها وتستمد أضواء الفضائل من مقباسها وتروي رواة الإفادة والإجادة غريب الوجادة عن ضحاكها وعباسها‏.‏وإلى هذا أعلى الله معارج قدركم وقد فعل وأنطق بحجج فخركم من احتفى وانتعل فإنه وصلنا كتابكم الذي حسبناه على صنائع الله لنا تميمة لا تلقع بعدها عين وجعلناه - على حلل مواهبه - قلادة لا يحتاج معها زين ودعوناه من جيب الكنانة آية بيضاء الكتابة لم يبق معها شك ولا مين وقرأنا منه وثيقة ود هضم فيها عن غريم الزمان دين ورأينا منه إنشاء خدم اليراع بين يديه وشاء واحتزم بهميان عقدته مشاء وسئل عن معانيه الاختراع فقال‏:‏ ‏"‏ إنا أنشأناهن إنشاء ‏"‏ فأهلاً به من عربي أبي يصف السانح والبانة ويبين فيحسن الإبانة أدى الأمانة وسئل عن حيه فانتمى إلى كنانة وأفصح وهو لا ينبس وتهللت قسماته وليل حبره يعبس وكأن خاتمه المقفل على صوانه المتحف بباكر الورد في غير أوانه رعف من مسك عنوانه ولله من قلم دبج تلك الحلل ونقع بمجاج الدواة المستمدة من عين الحياة الغلل فلقد تخارق في الجود مقتدياً بالخلافة التي خلد فخرها في الوجود فجاد بسر البيان ولبابه وسمح في سبيل الكرم حتى بماء شبابه وجمع لفرط بشاشته وفهامته بند شهادة السيف بشهامته فمشى من الترحيب في الطرس الرحيب على أم هامته‏.‏وأكرم به من حكيم أفصح بملغوز الإكسير في اللفظ اليسير وشرح بلسان الخبير سر صناعة التدبير كأنما خدم الملكة الساحرة بتلك البلاد قبل اشتجار الجلاد فآثرته بالطارف من سحرها والتلاد أو عثر بالمعلقة وتيك القديمة المطلقة بدفينة دار أو كنز تحت جدار أو ظفر لباني الحنايا قبل أن تقطع به عن أمانيه المنايا ببديعة أو خلف جرجير الروم قبل منازلة القروم على وديعة أو أسلمه ابن أبي سرح في نشب للفتح وسرح أو حتم له روح بن حاتم ببلوغ المطلب أو غلب الحظوظ بخدمة آل الأغلب أو خصه زيادة الله بمزيد أو شارك الشيعة في أمر أبي يزيد أو سار على منهاج في مناصحة بني صنهاج وفضح بتخليد أمداحهم كل وأعجب به وقد عزز منه مثنى البيان بثالث فجلب سحر الأسماع واسترقاق الطباع بين مثان للإبداع ومثالث كيف اقتدر على هذا المحيد وناصح مع التثليث مقام التوحيد نستغفر الله ولي العون على الصمت والصون فالقلم هو الموحد قبل الكون والمتصف من صفات السادة أولي العبادة بضمور الجسم وصفرة اللون إنما هي كرامة فاروقية وأثارة من حديث سارية وبقية سفر وجهها في الأعقاب بعد طول الانتقاب وتداول الأحقاب ولسان مناب عن كريم جناب وإصابة السهم لسواه محسوبة وإلى الرامي الذي سدده منسوبة ولا تنكر على الغمام بارقة ولا على المتحققين بمقام التوحيد كرامة خارقة فما شاءه الفضل من غرائب بر وجد ومحاريب خلق كريم ركع الشكر فيها وسجد حديقة بيان استثارت نواسم الإبداع من مهبها واستزارت غمائم الطباع من مصبها فآتت أكلها مرتين بإذن ربها لا‏.‏بل كتيبة عز طاعنت بقنا الألفات سطورها فلا يرومها النقد ولا يطورها ونزعت عن قسي النونات خطوطها واصطفت من بياض الطرس وسواد النقس بلق تحوطها‏.‏فما كأس المدير على الغدير بين الخورنق والسدير تقامر بنرد الحباب عقول ذوي الألباب وتغرق كسرى في العباب وتهدي - وهي الشمطاء - نشاط الشباب وقد أسرج ابن سريج وألجم وأفصح الغريض بعد ما جمجم وأعرب التاي الأعجم ووقع معبد بالقضيب وشرعت في حساب العقد بنان الكف الخضيب وكأن الأنامل فوق مثالث العود ومثانيه وعند إغراء الثقيل بثانية وإجابة صدى الغناء بين مغانيه المراود تشرع في الوشي أو العناكب تسرع في المشي وما المخبر بنيل الرغائب أو قدوم الحبيب الغائب لا‏.‏بل إشارة البشير بكم المشير على العشير بأجلب للسرور من زائره المتلقى بالبرور وأدعى للحبور من سفيره المبهج السفور فلم نر مثله من كتيبة كتاب تجنب الجرد تمرح في الأرسان وتتشوف مجالي ظهورها إلى عرائس الفرسان وتهز معاطف الارتياح من صهيلها الصراح بالنغمات الحسان إذا أوجست الصريخ نازعت أفناء الأعنة وكاثرت بأسنة آذانها مشرعة الأسنة فإن ادعى الظليم أشكالها فهو ظالم أو نازعها الظبي هواديها وأكفالها فهو هاذ أو حالم وإن سئل الأصمعي عن عيوب الغرر والأوضاح قال مشيراً إلى وجوهها الصباح‏:‏ جلدة بين العين والأنف سالم من كل عبل الشوى مسابق للنجم إذا هوى سامي التليل عريض ما تحت الشليل ممسوحة أعطافه بمنديل النسيم البليل‏.‏من أحمر كالمدام تجلى على الندام عقب الفدام أتحف لونه بالورد في زمن البرد وحيي أفق محياه بكوكب السعد وتشوف الواصفون إلى عد محاسنه فأعيت على العد بحر يساجل البحر عند المد وريح تباري الريح عند الشد بالذراع الأشد حكم له مدير فلك الكفل باعتدال فصل القد وميزه قدره المميز عندالاستباق بقصب السباق عند اعتبار الحد وولد مختط غرته أشكال الجمال على الكمال بين البياض والحمرة ونقاء الخد وحفظ الخلق الوجيه عن جده الوجيه ولا تنكر الرواية على الحافظ ابن الجد‏.‏وأشقر أبى الخلق والوجه الطلق أن يحقر كأنما صيغ من العسجد وطرف بالدر وأنعل بالزبرجد ووسم في الحديث بسمة اليمن والبركة واختص بفلج الخصام عند اشتجار المعركة وانفرد بمضاعف السهام المنكسرة على الهام في الفرائض المشتركة واتصف فلك كفله بحركتي الإرادة والطبع من أصناف الحركة أصغى إلى السماء بأذن ملهم وأغرى لسان الصهيل - عند التباس معاني الهمز والتسهيل - ببيان المبهم وفتنت العيون من ذهب جسمه ولجين نجمه بالدينار والدرهم فإن انقض فرجم أو ريح لها حجم وإن اعترض فشفق لاح به للنجم نجم‏.‏وأصفر قيد الأوابد الحرة وأمسك المحاسن وأطلق الغرة وسئل من أنت في قواد الكتائب وأولي الأخبار العجائب فقال‏:‏ أنا المهلب بن أبي صفرة نرجس هذه الألوان في رياض الأكوان تحثى به وجوه الحرب العوان أغار بنخوة الصائل على معصفرات الأصائل فارتداها وعمد إلى خيوط شعاع الشمس عند جانحة الأمس فألحم منها حلته وأسداها واستعدت عليه تلك المحاسن فما أعداها فهو أصيل تمسك بذيل الليل عرفه وذيله وكوكب يطلعه من القتام ليله فيحسده فرقد الأفق وسهيله‏.‏وأشهب تغشى من لونه مفاضة وتسربل منه لامة فضفاضة قد احتفل زينه لما رقم بالنبال لجينه فهو الأشمط الذي حقه لا يغمط والدارع المسارع والأعزل الذارع وراقي الهضاب الفارع ومكتوب الكتيبة البارع‏.‏وأكرم به من مرتاض سالك ومجتهد على غايات السابقين الأولين متهالك وأشهب يروي من الخليفة في الشيم المنيفة عن مالك‏.‏وحباري كلما سابق وبارى استعار جناح الحبارى فإذا أعملت الحسبة قيل من هنا جاءت النسبة طرد النمر لما عظم أمره وأمر فنسخ وجوده بعدمه وابتزه الفروة ملطخة بدمه وكأن مضاعف الورد نثر عليه من طبقه أو الفلك لما ذهب الحلك مزج فيه بياض صبحه بخمرة شفقه‏.‏وقرطاسي حقه لا يجهل متى ما ترقى العين فيه تسفل إن نزع عنه جله فهو نجم كله انفرد بمادة الألوان قبل أن تشوبها يد الأكوان أو تمزجها أقلام الملوان يتقدم الكتيبة منه لواء ناصع أو أبيض مناصع لبس وقار المشيب في ريعان العمر القشيب وأنصتت الآذان من صهيله المطيل المطيب لما ارتدى بالبياض إلى نغمة الخطيب وإن تعتب منه للتأخير متعتب قلنا‏:‏ الواو لا ترتب ما بين فحل وحرة وبهرمانة ودرة ويا لله من ابتسام غرة ووضوح يمن في طرة وبهجة للعين وقرة وإن ولع الناس بامتداح القديم وخصوا الحديث بفري الأديم وأوجب المتعصب وإن أبى المنصب مرتبة التقديم وطمح إلى رتبة المخدوم طرف الخديم وقورن المثري بالعديم وبخس في سوق الكسد الكيل ودجا الليل وظهر في فلك الإنصاف الميل لما تذوكرت الخيل فجيء بالوجيه والخطار والذائد وفي الخمار وداحس والسكب والأبجر وزاد الركب والجموح واليحموم والكميت ومكتوم والأعوج وحلوان ولاحق والغضبان وعفزر والزعفران والمحبر واللعاب والأغر والغراب وشعلة والعقاب والفياض واليعبوب والمذهب واليعسوب والصموت والقطيب وهيدب والصبيب وأهلوب وهداج والحرون وخراج وعلوى والجناح والأحوى ومجاح والعصا والنعامة والبلقاء والحمامة وسكاب والجرادة وخوصاء والعرادة فكم بين الشاهد والغائب والفروض والرغائب وفرق ما بين الأثر والعيان غني عن البيان وشتان بين الصريح والمشتبه ولله در القائل‏:‏ خذ ما تراه ودع شيئاً سمعت به لما والناسخ يختلف به الحكم وشر الدواب عند التفضيل بين هذه الدواب الصم البكم إلا ما ركبه نبي أو كان له يوم الافتخار برهان خفي ومفضل ما سمع على ما رأى غبي فلو أنصفت محاسنها التي وصفت لأقضمت حب القلوب علفاً وأوردت ماء الشبيبة نطفاً واتخذت لها من عذر الخدود الملاح عذر موشية وعللت بصفير ألحان القيان كل عشية وأنعلت بالأهلة وغطيت بالرياض بدل الأجلة‏.‏إلى الرقيق الخليق بالحسن الحقيق يسوقه إلى مثوى الرعاية روقة الفتيان رعاته ويهدي عقيقها من سبجه أشكالاً تشهد للمخترع سبحانه بإحكام مخترعاته وقفت ناظر الاستحسان لا يريم لما بهره منظرها الوسيم وتخامل الظليم وتضاؤل الريم وأخرس مفوه اللسان وهو بملكات البيان الحفيظ العليم وناب لسان الحال عن لسان المقال عند الاعتقال فقال يخاطب المقام الذي أطلعت أزهارها غمائم جوده واقتضت اختيارها بركات وجوده‏:‏ لو علمنا أيها الملك الأصيل الذي كرم منه الإجمال والتفضيل أن الثناء يوازيها لكلنا لك بكيلك أو الشكر يعادلها ويجازيها لتعرضنا بالوشل إلى نيل نيلك أو قلنا هي التي أشار إليها مستصرخ سلفك المستنصر بقوله‏:‏ أدرك بخيلك حين شرق بدمعه الشرق وانهزم الجمع واستولى الفرق واتسع فيه - والحكم لله - الخرق ورأى إن مقام التوحيد بالمظاهرة على التثليث وحزبه الخبيث الأولى والأحق‏.‏والآن قد أغنى الله بتلك النية عن اتخاذ الطوال الردينية وبالدعاء من تلك المثابة الدينية إلى رب البنية عن الأمداد السنية والأجواد تخوض بحر الماء إلى بحر المنية وعن الجرد العربية في مقاود الليوث الأبية وجدد برسم هذه الهدية مراسيم العهود الودية والذمم الموحدية لتكون علامة على الأصل ومكذبة لدعوى الوقف والفصل وإشعاراً بالألفة التي لا تزال ألفها ألف الوصل ولأمها حراماً على النصل‏.‏وحضر بين يدينا رسولكم فقرر من فضلكم ما لا ينكره من عرف علو مقداركم وأصالة داركم وفلك إبداركم وقطب مداركم وأجبناه عنه بجهد ما كنا لنقنع من جناه المهتصر بالمقتضب المختصر ولا لنقابل طول طوله بالقصر لولا طرو الحصر‏.‏وقد كان بين الأسلاف - رحمة الله عليهم ورضوانه - ود أبرمت من أجل الله معاقده ووثرت للخلوص الجلي النصوص مضاجعه القارة ومراقده وتعاهد بالجميل يوجع لفقده فاقده أبى الله إلا أن يكون لكم الفضل في تجديده والعطف بتوكيده فنحن الآن لا ندري أي مكارمكم نذكر أو أي فواضلكم نشرح أو نشكر أمفاتحتكم التي هي في الحقيقة عندنا فتح أم هديتكم وفي وصفها للأقلام سبح ولعدو الإسلام بحكمة حكمتها كبح إنما نكل الشكر لمن يوفي جزاء الأعمال البرة ولا يبخس مثقال الذرة ولا أدنى من مثقال الذرة ذي الرحمة الثرة والألطاف المتصلة المستمرة لا إله إلا هو‏.‏وإن تشوفتم إلى الأحوال الراهنة وأسباب الكفر الواهية - بقدرة الله - الواهنة فنحن نطرفكم بطرفها ونطلعكم على سبيل الإجمال بطرفها وهو أننا لما أعادنا من التمحيص إلى مثابة التخصيص من بعد المرام العويص كحلنا بتوفيق الله بصر البصيرة ووقفنا على سبيله مساعي الحياة القصيرة ورأينا كما نقل إلينا وكرر على من قبلنا وعلينا - أن الدنيا - وإن غر الغرور وأنام على سرر الغفلة السرور فلم ينفع الخطور على أجداث الأحباب والمرور جسر يعبر ومتاع لا يغبط من حبي به ولا يحبر إنما هو خبر يخبر وأن الحسرة بمقدار ما على تركه يجبر وأن الأعمار أحلام وأن الناس نيام وربما رحل الراحل عن الخان وقد جلله بالأذى والدخان أو ترك به طيباً وثناء يقوم بعد للآتي خطيباً فجعلنا العدل في الأمور ملاكاً والتفقد للثغور مسواكاً وضجيع المهاد حديث الجهاد وأحكامه مناط الاجتهاد وقوله‏:‏ ‏"‏ يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة ‏"‏ من حجج الاستشهاد وبادرنا رمق الحصون المضاعة وجنح التقية دامس وعواريها لا ترد يد لامس وساكنها بائس والأعصم في شعفاتها من العصمة يائس فزينا ببيض الشرفات ثناياها وأفعمنا بالعذب الفرات ركاياها وغشينا بالصفيح المضاعف أبوابها واحتسبنا عند موفي الأجور ثوابها وبيضنا بناصع الكلس أثوابها فهي اليوم توهم حس العيان أنها قطع من بيض العنان وتكاد تناول قرص البدر بالبنان متكفلة للمؤمنين من فزع الدنيا والآخرة بالأمان وأقرضنا الله قرضاً وأوسعنا مدونة الجيش عرضاً وفرضنا إنصافه مع الأهلة فرضاً واستندنا من التوكل على الله الغني الحميد إلى ظل لواء ونبذنا إلى الطاغية عهده على سواء وقلنا‏:‏ ربنا أنت العزيز وكل جبار لعزك ذليل وحزبك هو الكثير وما سواه قليل أنت الكافي ووعدك الوعد الوافي فأفض علينا مدارع الصابرين واكتبنا من الفائزين بحظوظ رضاك الظافرين وثبت أقدمنا وانصرنا على القوم الكافرين‏.‏فتحركنا أول الحركات وفاتحة مصحف البركات في خف من الحشود واقتصار على ما بحضرتنا من العساكر المظفرة والجنود إلى حصن آشر البازي المطل وركاب العدو الضال المضل ومهدي نفثات الصل على امتناعه وارتفاعه وسمو يفاعه وما بذل العدو فيه من استعداده وتوفير أسلحته وأزواده وانتخاب أنجاده فصلينا بنفسنا ناره وزاحمنا عليه الشهداء نصابر أواره ونلقى بالجوارح العزيزة سهامه المسمومة وجلامده الملمومة وأحجاره حتى فرعنا - بحول من لا حول ولا قوة إلا به - أبراجه المنيعة وأسواره وكففنا عن البلاد والعباد أضراره بعد أن استضفنا إليه حصن السهلة جاره ورحلنا عنه بعد أن شحناه رابطة وحامية وأزواداً نامية وعملنا بيدنا في رم ما ثلم القتال وبقر من بطون مسابقة الرجال واقتدينا بنبينا - صلوات الله عليه وسلامه - في الخندق لما حمى ذلك المجال ووقع الارتجاز المنقول حديثة والارتجال وما كان ليقر للإسلام مع تركه القرار وقد كتب الجوار وتداعى وقد كنا أغرينا من بالجهة الغربية من المسلمين بمدينة برغه التي سدت بين القاعدتين رندة ومالقة الطريق وألبست ذل الفراق ذلك الفريق ومنعتهما أن يسيغا الريق فلا سبيل إلى الإلمام لطيف المنام إلا في الأحلام ولا رسالة إلا في أجنحة هدل الحمام فيسر الله فتحها وعجل منحها بعد حرب انبتت فيها النحور وتزينت الحور‏.‏وتبع هذه الأم بنات شهيرة وبقع للزرع والضرع خيرة فشفي الثغر من بؤسه وتهلل وجه الإسلام بتلك الناحية الناجية بعد عبوسة‏.‏ثم أعملنا الحركة إلى مدينة إطريرة على بعد المدى وتغلغلها في بلاد العدا واقتحام هول الفلا وغول الردى مدينة تبنتها حمص فأوسعت الدار وأغلت الشوار وراعت الاستكثار وبسطت الاعتمار رجح لدينا قصدها على البعد والطريق الجعد ما أسفت به المسلمين من استئصال طائفة من أسراهم مروا بها آمنين وبطائرها المشئوم متيمنين قد أنهكهم الاعتقال والقيود الثقال وأضرعهم الأسار وجللهم الانكسار فجدلوهم في مصرع واحد وتركوهم عبرة للرائي والمشاهد وأهموا بوقيعتهم إلى الإسلام ثكل الواجد وترة الماجد فكبسناها كبساً وفجأناها بإلهام من لا يضل ولا ينسى وصبحتها الخيل ثم تلاحق الرجل لما جن الليل وحاق بها الويل فأبيح منها الذمار وأخذها الدمار ومحقت من مصانعها البيض الأهلة وخسفت الأقمار وشفيت من دماء أهلها الضلوع الحرار وسلطت على هياكلها النار واستولى على الآلاف العديدة من تسبيها الأسار وانتهى إلى إشبيلية الثكلى المغار فجلل وجوه من بها من كبار النصرانية الصغار واستولت الأيدي على ما لا يسعه الوصف ولا تقله الأوقار‏.‏وعدنا والأرض تموج سبياً لم نترك بعفرين شبلا ولا بوجرة ظبياً والعقائل حسرى والعيون يبهرها الصنع الأسرى وصبح السرى قد حمد من بعد المسرى فسبحان الذي أسرى ولسان الحمية ينادي في تلك الكنائس المخربة والنوادي‏:‏ يا لثارات الأسرى‏!‏ ولم يكن إلا أن نفلت الأنفال ووسمت بالأوضاح الأغفال وتميزت الهوادي والأكفال وكان إلى غزو مدينة جيان الاحتفال قدنا إليها الجرد تلاعب الظلال نشاطاً والأبطال تقتحم الأخطار رضى بما عند الله واغتباطاً والمهندة الدلق تسبق إلى الرقاب استلالاً واختراطاً واستكثرنا من عدد القتال احتياطاً وأزحنا العلل عمن أراد جهاداً منجياً غباره من دخان جهنم ورباطاً ونادينا الجهاد‏!‏ الجهاد‏!‏ يا أمة الجهاد‏!‏ راية النبي الهاد‏!‏ الجنة تحت ظلال السيوف الحداد‏!‏ فهز النداء إلى الله تعالى كل عامر وغامر وائتمر الجم من دعوى الحق إلى أمر آمر وأتى الناس من الفجوج العميقة رجالاً وعلى كل ضامر وكاثرت الرايات أزهار البطاح لوناً وعداً وسدت الحشود مسالك الطريق العريضة سداً ومد بحرها الزاخر مداً فلا يجد لها الناظر ولا المناظر حداً‏.‏وهذه المدينة هي الأم الولود والجنة التي في النار لسكانها من الكفار الخلود وكرسي الملك ومجنبة الوسطى من السلك باءت بالمزايا العديدة ونجحت وعند الوزان بغيرها من أمات البلدان رجحت غاب الأسود وجحر الحيات السود ومنصب التماثيل الهائلة ومعلق النواقيس المصلصلة‏.‏فأدنينا إليها المراحل وعنينا ببحار المحلات المستقلات منها الساحل ولما أكثبنا جوارها وكدنا نلتمح نارها تحركنا إليها ووشاح الأفق المرقوم بزهر النجوم قد دار دائره والليل من خوف الصباح على سطحه المستباح قد شابت غدائره والنسر يرفرف باليمن طائره والسماك الرامح يثأر بعز الإسلام ثائره والنعائم راعدة فرائص الجسد من خوف الأسد والقوس يرسل سهم السعادة بوتر العادة إلى أهداف النعم المعادة والجوزاء عابرة نهر المجرة والزهرة تغار من الشعرى العبور بالضرة وعطارد يسدي في حبل الحروب على البلد المحروب ويلحمه ويناظر على أشكالها الهندسية فيفحمه والأحمر يبهر وبعلمه الأبيض يغري وينهر والمشتري يبدئ في فضل الجهاد ويعيد ويزاحم في الحلقات على ما للسعادة من الصفقات ويزيد وزحل عن الطالع منزحل وعن العاشر مرتحل وفي زلق السعود وحل والبدر يطالع حجر المنجنيق كيف يهوي إلى النيق ومطلع الشمس يرقب وجدار الأفق يكاد بالعيون عنها ولما فشا سر الصباح واهتزت أعطاف الرايات بتحيات مبشرات الرياح أطللنا عليها إطلال الأسود على الفرائس والفحول على العرائس فنظرنا منظرنا منظراً يروع بأساً ومنعة ويروق وضعاً وصنعة تلفعت معاقله الشم للسحاب ببرود ووردت من غدر المزن في برود وأشرعت لاقتطاف أزهار النجوم والذراع بين النطاق معاصم رود وبلداً يعيي الماسح والذارع وينتظم المحاني والأجارع فقلنا‏:‏ اللهم نفله أيدي عبادك وأرنا فيه آية من آيات جهادك ونزلنا بساحتها العريضة المتون نزول الغيث الهتون وتيمنا من فحصها بسورة التين والزيتون متبرئة من من أمان الرحمان للبلد المفتون وأعجلنا الناس بحمية نفوسهم النفيسة وسجية شجاعتهم البئيسة عن أن تبوأ للقتال المقاعد وتدني بأسماع شهير النفير منهم الأباعد وقبل أن يلتقي الخديم بالمخدوم ويركع المنجنيق ركعتي القدوم فدفعوا من أصحر إليهم من الفرسان‏.‏وسبق إلى حومة الميدان حتى أحجروهم في البلد وسلبوهم لباس الجلد في موقف يذهل الوالد عن الولد صابت السهام فيه غماماً وطارت كأسراب الحمام تهدى حماماً وأضحت القنا قصداً بعد أن كانت شهاباً رصداً وماج بحر القتام بأمواج النصول وأخذ الأرض الرجفان لزلزال الصياح الموصول فلا ترى إلا شهيداً تظلل مصرعه الحور وصريعاً تقذف به إلى الساحل تلك البحور ونواشب تبأى بها الوجوه الوجيهة عند الله والنحور فالمقضب فوده يخضب والأسمر غصنه يستثمر والمغفر حماه يخفر وظهور القسي تقصم وعصم الجند الكوافر تفصم وورق اليلب في المنقلب يسقط والبيض تكتب والسمر تنقط فاقتحم الربض الأعظم لحينه وأظهر الله لعيون المبصرين والمستبصرين عزة دينه وتبرأ الشيطان من خدينه ونهب الكفار وخذلوا وبكل مرصد جدلوا ثم دخل البلد بعده غلاباً وجلل قتلاً واستلاباً فلا تسل إلا الظبا والأسل عن قيام ساعته وهول يومها وشناعته وتخريب المبائت والمباني وغنى الأيدي من خزائن تلك المغاني ونقل الوجود الأول إلى الوجود الثاني وتخارق السيف فجاء بغير المعتاد ونهلت القنا الردينية من الدماء حتى كادت تورق كالأغصان المغترسة والأوتاد وهمت أفلاك القسي وسحت وأرنت حتى بحت ونفدت موادها فشحت مما ألحت وسدت المسالك جثث القتلى فمنعت العابر واستأصل الله من عدوه الشأفة وقطع الدابر وأزلف الشهيد وأحسب الصابر وسبقت رسل الفتح الذي يسلم يسمع بمثله في الزمن الغابر‏.‏ تنقل البشرى من أفواه المحابر إلى آذان المنابر‏.‏أقمنا بها أياماً نعقر الأشجار ونستأصل بالتخريب الوجار ولسان الانتقام من عبدة الأصنام ينادي‏:‏ يا لثارات الإسكندرية تشفياً من الفجار ورعياً لحق الجارة وقفلنا وأجنحة الرايات برياح العنايات خافقة وأوفاق التوفيق الناشئة من خطوط الطريق موافقة وأسواق العز بالله نافقة وحملاء الرفق مصاحبة - والحمد لله - مرافقة وقد ضاقت ذروع الجبال عن أعناق الصهب السبال ورفعت على الأكفال ردفاء كرائم الأنفال وقلقلت من النواقيس أجرام الجبال بالهندام والاحتيال في وهلك بمهلك هذه الأم بنات كن يرتضعن ثديها الحوافل ويستوثرن حجرها الكافل شمل التخريب أسوارها وعجلت النار بوارها‏.‏ثم تحركنا بعدها حركة الفتح وأرسلنا دلاء الأدلاء قبل المتح فبشرت بالمنح وقصدنا مدينة أبدة وهي ثانية الجناحين وكبرى الأختين ومساهمة جيان في حين الحين مدينة أخذت عرض الفضاء الأخرق وتمشت فيه أرباضها تمشي الكتابة الجامحة في المهرق المشتملة على المتاجر والمكاسب والوضع المتناسب والفلح المعيي ريعه عمل الحاسب وكوارة الدبر اللاسب المتعددة اليعاسب فأناخ العفاء بربوعها العامرة ودارت كؤوس عقار الحتوف ببنان السيوف على متديريها المعاقرة وصبحتها طلائع الفاقرة وأغريت ببطون أسوارها عوج المعاول الباقرة ودخلت مدينتها عنوة السيف في أسرع من خطرة الطيف ولا تسأل عن الكيف فلم يبلغ العفاء من مدينة حافلة وعقيلة في حلل المحاسن رافلة ما بلغ من هذه البائسة التي سجدت لآلهة النيران أبراجها وتضاءل بالرغام معراجها وضفت على أعطافها ملابس الخذلان وأقفر من كنائسها كناس الغزلان‏.‏ثم تأهبنا لغزو أم القرى الكافرة وخزائن المزاين الوافرة وربة الشهرة السافرة والأنباء المسافرة قرطبة وما أدراك ما هيه‏!‏ ذات الأرجاء الحالية الكاسية والأطواد الراسخة الراسية والمباني المباهية والزهراء الزاهية والمحاسن غير المتناهية حيث هالة بدر السماء قد استدارت من السور المشيد البناء داراً ونهر المجرة من نهرها الفياض المسلول حسامه من غمود الغياض قد لصق بها جاراً وفلك الدولاب المعتدل الانقلاب قد استقام مداراً ورجع الحنين اشتياقاً إلى الحبيب الأول وادكاراً حيث الطود كالتاج يزدان بلجين العذب المجاج فيزري بتاج كسرى وداراً حيت قسي الجسور المديدة كأنها عوج المطي العديلة تعبر النهر قطاراً حيث آثار العامري المجاهد تعبق بين تلك المعاهد شذى معطاراً حيث كرائم السحائب تزور عرائس الرياض الحبائب فتحمل لها من الدر نثاراً حيث شمول الشمال تدار على الأدواح بالغدو والرواح فترى الغصون سكارى وما هي بسكارى حيث أيدي الافتتاح تفتض من شقائق البطاح أبكاراً حيث ثغور الأقاح الباسم تقبلها بالسحر زوار النواسم فتخفق قلوب النجوم الغيارى حيث المصلى العتيق قد رحب مجالاً وطال مناراً وأزرى ببلاط الوليد احتقاراً حيث الظهور المثارة بسلاح الفلاح تجب عن مثل أسنمة المهارى والبطون كأنها لتدميث الغمائم بطون العذارى والأدواح العالية تخترق أعلامها الهادية بالجداول الحيارى‏.‏فما شئت من جو بقيل ومعرس للحسن ومقيل ومالك للعقل وعقيل وخمائل كم فيها للبلابل من قال وقيل وخفيف يجاوز بثقيل وسنابل تحكي من فوق سوقها وقصب بسوقها الهمزات على الألفات والعصافير البديعة الصفات فوق القضب المؤتلفات تميل لهبوب الصبا والجنوب مالئة الجيوب بدر الحبوب وبطاح لا تعرف عين المحل فتطلبه بالذحل ولا تصرف في خدمة بيض قباب الأزهار عند افتتاح السوسن والبهار غير العبدان من سودان النحل وبحر الفلاحة الذي لا يدرك ساحله ولا يبلغ الطية البعيدة راحله إلى الوادي وسمر النوادي وقرار دموع الغوادي للتجاسر على تخطيه عند تمطيه الجسر العادي والوطن الذي ليس من عمرو ولا زيد والفرا الذي في جوفه كل صيد أقل كرسيه خلافة الإسلام وأغار بالرصافة والجسر دار السلام وما عسى أن تطنب في وصفه ألسنة الأقلام أو تعبر به عن ذلك الكمال فنون الكلام‏.‏فأعملنا إليها السرى والسير وقدنا إليها الخيل قد عقد الله في نواصيها الخير‏.‏ولما وقفنا بظاهرها المبهت المعجب واصطففنا بخارجها المنبت المنجب والقلوب تلتمس الإعانة من منعم مجزل وتستنزل مدد الملائكة من منجد منزل والركائب واقفة من خلفنا بمعزل تتناشد في معاهد الإسلام‏:‏ قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل برز من حاميتها المحاميه ووقود النار الحاميه وبقية السيف الوافرة على الحصاد النامية قطع الغمائم الهامية وأمواج البحور الطامية واستجنت بظلال أبطال المجال أعداد الرجال الناشبة والرامية وتصدى للنزال من صناديدها الصهب السبال أمثال الهضاب الراسية تجنها جنن السوابغ الكاسية وقواميسها المفادية للصلبان يوم بوسها بنفوسها المواسية وخنازيرها التي عدتها عن قبول حجج الله ورسوله ستور الظلم الغاشية وصخور القلوب القاسية فكان بين الفريقين أمام جسرها الذي فرق البحر وحلى بلجينه ولآلئ زينه منها النحر حرب لم تنسج الأزمان على منوالها ولا أتت الأيام الحبالى بمثل أجنة أهوالها من قاسها بالفجار أفك وفجر أو مثلها بجفر الهباءة خرف وهجر ومن شبهها بحرب داحس والغبراء فما عرف الخبر فليسأل من جرب وخبر ومن نظرها بيوم شعب جبله فهو ذو بله أو عادلها ببطن عاقل فغير عاقل أو احتج بيوم ذي قار فهو إلى المعرفة ذو افتقار أو ناضل بيوم الكديد فسهمه غير السديد إنما كان مقاماً غير معتاد ومرعى نفوس سلم يف بوصفه لسان مرتاد وزلزال جبال أوتاد ومتلف مذخور لسلطان الشيطان وعتاد أعلم فيه البطل الباسل وتورد الأبيض الباتر وتأود الأسمر العاسل ودوم الجليد المتكاسل وانبعث من حدب الحنية إلى هدف الرمية الناشر الناسل ورويت لمرسلات السهام المراسل ثم أفضى أمر الرماح إلى التشاجر والإرتباك ونشبت الأسنة في الدروع نشب السمك في الشباك ثم اختلط المرعي بالهمل وعزل الرديني عن العمل وعادت السيوف من فوق المفارق تيجانا بعد أن شقت غدر السوابغ خلجانا واتحدت جداول الدروع فصارت بحراً وكان التعانق فلا ترى إلا نحراً يلازم نحرا عناق وداع وموقف شمل ذي انصداع وإجابة مناد إلى فراق الأبد وداع واستكشفت مآل الصبر الأنفس الشفافة وهبت بريح النصر الطلائع المبشرة الهفافة ثم أمد السيل ذلك العباب وصقل الاستبصار الألباب واستخلص العزم صفوة اللباب وقال لسان النصر‏:‏ ‏"‏ ادخلوا عليهم الباب ‏"‏ فأصبحت طوائف الكفار حصائد مناجل الشفار فمغافرهم قد رضيت حرماتها بالأخفار ورءوسهم محطوطة في غير مقام الاستغفار وعلت الرايات من فوق تلك الأبراج المستطرقة والأسوار ورفرف على المدينة جناح البوار لولا الانتهاء إلى الحد والمقدار والوقوف عند اختفاء سر الأقدار‏.‏ثم عبرنا نهرها وشددنا بأيدي الله قهرها وضيقنا حصرها وأعرنا بلآلئ القباب البيض خضرها وأقمنا بها أياماً تحوم عقبان البنود على فريستها حياماً وترمي الأدواح ببوارها وتسلط النيران على أقطارها فلولا عائق المطر لحصلنا من فتح ذلك الوطن على الوطر فرأينا أن نروضها بالأجتثاث والانتساف ونوالي على زروعها وربوعها كرات رياح الإعتساف حتى يتهيأ للإسلام لوك طعمتها ويتهنا بفضل الله إرث نعمتها ثم كانت من موقفها الإفاضة من بعد نحر النحور وقذف جمار الدمار على العدو المدحور وتدافعت خلفنا السيقات المتسقات تدافع أمواج البحور‏.‏وبعد أن ألححنا على جناتها المصحرة وكرومها المستبحرة إلحاح الغريم وعوضناها المنظر الكريه من المنظر الكريم وطاف عليها طائف من ربنا فأصبحت كالصريم وأغرينا حلاق النار بجمم الجميم وراكمنا في أحواف أجرافها غمائم الدخان يذكر طيبه البان بيوم العميم وأرسلنا رياح الغارات ‏"‏ لا تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم ‏"‏ واستقبلنا الوادي يهول مداً ويروع سيفه الصقيل حداً فيسره الله من بعد الأعواز وانطلقت على الفرصة بتلك الفرضة أيدي الانتهاز وسألنا من سائله أسد بن الفرات فأفتى برجحان الجواز فعم الاكتساح والاستباح جميع الأحواز فأديل المصون وانتهبت القرى وهدت الحصون واجتثت الأصول وخطمت الغصون ولم نرفع عنها إلى اليوم غارة تصابحها بالبوس وتطلع عليها غررها الضاحكة باليوم العبوس فهي الآن مجرى السوابق ومجر العوالي على التوالي والحسرات تتجدد في أطلالها البوالي وكأن بها قد ضرعت وإلى الدعوة المحمدية أسرعت بقدرة من لو أنزل القرآن على الجبال لخشعت من خشية الله وتصدعت وعزة من أذعنت الجبابرة لعزه وخضعت وعدنا والبنود لا يعرف اللف نشرها والوجوه المجاهدة لا يخالط التقطيب بشرها والأيدي بالعروة الوثقى متعلقة والألسن بشكر نعم الله منطلقة والسيوف في مضاجع الغمود قلقه وسراييل الدروع خلقه والجياد من ردها إلى المرابط والأواري رد العواري حنقة وبعبرات الغيظ المكظوم مختنقة ننظر إلينا نظر العاتب وتعود من ميادين الاختيال والمراح تحت حلل السلاح عود الصبيان إلى المكاتب والطبل بلسان العز هادر والعزم إلى منادي العود الحميد مبادر ووجود نوع الرماح من بعد ذلك الكفاح نادر والقاسم يرتب بين يديه من السبي النوادر ووارد مناهل الأجور غير المحلاء ولا المهجور غير صادر ومناظر الفصل الآتي عقب أخيه الشاتي على المطلوب المواتي مصادر والله على تيسير الصعاب وتخويل المنن الرغاب قادر لا إله إلا هو‏.‏فما أجمل لنا صنعه الحفي وأكرم بنا لطفه الخفي اللهم لا نحصي ثناء عليك ولا نلجأ منك إلا إليك ولا نلتمس خيم الدنيا والآخرة إلا لديك فأعد علينا عوائد نصرك يا مبدئ يا معيد وأعنا من وسائل شكرك على ما ينثال به المزيد يا حي يا قيوم يا فعال لما يريد‏.‏وقارنت رسالتكم الميمونة لدينا حذق فتح بعيد صيته مشرئب ليته وفخر من فوق النجوم العواتم مبيته عجبنا من تأتي أمله الشارد وقلنا‏:‏ البركة في قدم الوارد وهو أن ملك النصارى لاطفنا بجملة من الحصون كانت من مملكة الإسلام قد غصبت والتماثيل فيها ببيوت الله قد نصبت أدالها الله - بمحاولتنا - الطيب من الخبيث والتوحيد في التثليث وعاد إليها الإسلام عود الأب الغائب إلى البنات الحبائب يسأل عن شؤونها ويمسح دموع الرقة من جفونها وهي للروم خطة خسف قلما ارتكبوها فيما نعلم من العهود ونادرة من نوادر الوجود‏.‏وإلى الله علينا وعليكم عوارف الجود وجعلنا في محاريب الشكر من الركع السجود‏.‏عرفناكم بمجملات أمور تحتها تفسير ويمن من الله وتيسير إذ استيفاء الجزئيات عسير لنسركم بما منح الله دينكم ونتوج بعز الملة الحنيفية جبينكم ونخطب بعده دعاءكم وتأمينكم فإن دعاء المؤمن لأخيه بظهر الغيب سلاح ماض وكفيل بالمواهب المسئولة من المنعم الوهاب متفاض وأنتم أولى من ساهم في بر وعاقل الله بخلوص سر وأين يذهب الفضل عن بيتكم وهو صفة حيكم وتراث ميتكم ولكم مزية القدم ورسوخ القدم والخلافة مقرها إيوانكم وأصحاب الإمام مالك - رضي الله عنه - مستقرها قيروانكم وهجير المنابر ذكر إمامكم والتوحيد إعلام أعلامكم والوقائع الشهيرة في الكفر منسوبة إلى أيامكم والصحابة الكرام فتحة أوطانكم وسلالة الفاروق عليه السلام وشائج سلطانكم ونحن نستكثر من بركة خطابكم ووصلة جنابكم ولولا الأعذار لوالينا بالمتزيدات تعريف أبوابكم‏.‏والله - عز وجل - يتولى عنا من شكركم المحتوم ما قصر المكتوب منه عن المكتوم ويبقيكم لإقامة الرسوم ويحل محبتكم من القلوب محل الأرواح من الجسوم وهو سبحانه يصل سعدكم ويحرس مجدكم ويوالي نعمه عندكم‏.‏والسلام الكريم الطيب الزكي المبارك البر العميم يخصكم كثيراً أثيراً ما أطلع الصبح وجهاً منيراً بعد أن أرسل النسيم سفيراً وكان الوميض الباسم لأكواس الغمائم على أزهار الكمائم مديراً ورحمة الله وبركاته‏.‏

وكتب إلي يهنئني بمولود ويعاتب على تأخير